الثلاثاء ، 5 أبريل 2016 ، الساعة 3:04 بتوقيت مكة المكرمة
الرئيسية / سوريا الآن / مؤسسة بحثية سورية تضع ريف حمص الشمالي المحرر تحت المجهر

مؤسسة بحثية سورية تضع ريف حمص الشمالي المحرر تحت المجهر

 

ريف حمص الشماليفي دراسة نشرتها مؤخرا، سلطت المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام الضوء على أهمية الموقع الاستراتيجي لريف حمص الشمالي ، الذي تسيطر عليه  فصائل المعارضة الثورية في سورية منذ نحو أربع سنوات.

وحذرت الدراسة التي جاءت بعنوان :” ريف حمص الشمالي أهمية الموقع وحساسية الواقع ((تقدير موقف))”، للباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية النقيب رشيد حوراني ،من  خطورة مخططات “النظام” الساعية إلى إطباق الحصار علي ريف حمص الشمالي  وتحويله من ورقة ضغط بيد “قوى المعارضة والثورة” إلى نقطة ضعف ضدهم، خاصة في ظل التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة المتعلقة في الشأن السوري.

 كما بينت الدراسة أهمية التدابير التي اتخذتها “قوات المعارضة” للحيلولة دون تحقيق النظام أهدافه في الريف الحمصي وضرورة تعزيزها، إضافة إلى الاحتمالات المتوقعة لتطور ات الوضع القائم ، في ظل تقدم قوات النظام والميليشيات الطائفية التابعة لها مدعومة بسلاح الجو الروسي، في ريف حماة الجنوبي العمق الاستراتيجي لريف حمص الشمالي، ومنفذه الرئيس إلى الشمال السوري.

ويشار إلى أنّ المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام تهتم بإجراء دراسات وبحوث حول قضايا وتطلعات الشعب السوري في مختلف مجالات الحياة العامة، لبناء قاعدة معرفية وعلمية تساهم في ردم الهوة بين صناع القرار(أشخاص – مؤسسات) وبين الجمهور والربط بينهم ، لتحقيق التماسك المجتمعي، وهي مؤسسة بحثية مستقلة وغير حزبية ولها مكاتب وفرق بحثية في الداخل السوري .

………………………………………………..

ريف حمص الشمالي أهمية الموقع وحساسية الواقع (تقدير موقف)

يمتد ريف حمص الشمالي على منطقة جغرافية واسعة بمساحة تقريبية بين    (300-350)كم2، من مدينة حمص جنوبا إلى مدينة الرستن ومحافظة حماه شمالاً،  ومن مدينة الحولة غرباً، إلى المشرفة والسلمية شرقاً .

وتعتبر “الرستن والحولة وتلبيسة والدار الكبيرة وتير معلة والغنطو والزعفرانة وتل ذهب وكفرلاها” أهم مدن وبلدات الريف الشمالي لحمص ، الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة السورية المسلحة، منذ نحو أربع سنوات، إضافة إلى عشرات القرى والمزارع المتوسطة والصغيره.

 وتتشكل التركيبة الديمغرافية لريف حمص الشمالي البالغ عدد سكانه مع النازحين من مدن أخرى، نحو نصف مليون مدني، من عنصري العرب والتركمان (السنّة)، ويبلغ عدد التركمان فيه أكثر من 70 ألف ، وجميعهم يعيشون في شبه مخيمات وتجمعات صغيرة ، في ظل نقص حاد  للمواد الغذائية والطبية نتيجة حصاره من قبل “قوات النظام” في سورية والميليشيات المتحالفة معه.

وتتعرض المنطقة مع امتدادها في ريف حماة الجنوبي ، إلى غارات يومية تقريبا من قبل “الطيران الروسي وطيران النظام” وإلى قصف مستمر بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة (صواريخ – مدفعية) الأمر الذي يوقع ضحايا يومية في صفوف العسكريين والمدنين على حد سواء، ويدفع بالمدنيين إلى التشرد والنزوح بشكل مستمر ، كما حصل في مجزرة “قرية تسنين” مؤخرا، حيث سقط فيها “مئة ضحية” من المدنيين إضافة إلى تشريد المئات من أهلها،وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.

وقد شنت “قوات النظام” في سورية و”الميليشيات التابعة لها” حملة عسكرية فاشلة لاستعادة السيطرة على ريف حمص الشمالي، عبر هجوم بري واسع بغطاء من سلاح الجو الروسي بعد تدخلهم المباشر عسكريا إلى جانب “النظام” نهاية العام الماضي، حيث خلف القصف الروسي وخلال شهر واحد فقط من تدخلهم المباشر /175/   قتيلا معظمهم من المدنيين موثقين بالاسم والصورة.(1)

 ومع بداية العام الجديد شنت “قوات النظام وحلفائه” حملة عسكرية ثانية لإطباق الحصار على ريف حمص الشمالي تمهيدا للسيطرة عليه ، هدأت وتيرتها  قبيل بدء سريان الهدنة  – المتفق عليها روسيّا وأميركيّا- بأيام قليلة، بين “قوات النظام” من جهة، و”قوات المعارضة السورية” من جهة أخرى بغية استئناف مفاوضات الحل السياسي في جنيف 3، ولكن حدة هذه الحملة العسكرية  أخذت بالارتفاع مجددا في اليوم الثاني من بدء تطبيق الهدنة ، بما يشكل خرقا واضحا لها.(2).

أولا : خريطة الحملة العسكرية وأبعادها
بدأ النظام مؤخرا حملة عسكرية جديدة على ريف حمص الشمالي، بعد شهرين من محاولته الأولى اقتحام المناطق الغربية من ريف حمص الشمالي (سنيسل – جوالك – محطة – تيرمعلة )، التي ترك محاورها تحت مرمى نيران قواته المنتشرة في كل من حواجز : “الكلية الحربية، الهجانة، الغربال، مؤسسة الكهرباء، كلية الهندسة، الأشرفية، الفرقة 26، قرية الكم، وجبورين وأكراد الداسنية، والمختارية وسوق الغنم “، إضافة إلى نيران وغارات الطيران الروسي .

 وركزت حملته العسكرية الجديدة على محورين اثنين:

1- المحور الأول ويبدأ من قرية “الجرنية” الواقعة في ريف حماة الجنوبي وغرب نهر العاصي باتجاه المناطق المحررة شرق النهر .

2- المحور الثاني ويبدأ من بلدة تلدرة وقبة الكردي-(الطائفة الإسماعيلية)- مستهدفاً قريتي القنطرة وبريغيت بريف حماه الجنوبي، واللتين تعتبران بوابة دخول قوات النظام الرئيسة إلى ريف حمص الشمالي .

 كما بدء “النظام” بحشد جيشه والميليشيات التابعة في الوقت نفسة على محور جديد من الجهة الشرقية لمنطقة العمليات القتالية وهو (خنيفيس- دلاك-عيدون،) وذلك للتأثير على معنويات المقاتلين بإظهار حجم القوة العسكرية المشتركة في تنفيذ الحملة بقيادة روسية، التي بدأت تنتهج سياسة الأرض المحروقة في التمهيد الجوي  لقوات  النظام المهاجمة براً، مع ترويج وتضخيم إعلامي كبيرين رافقا العملية  بغية مشاغلة الجبهات القديمة وإرباك المدنيين في المنطقة وتخويفهم.

وقد حققت قوات النظام مع بداية الحملة تقدماً في عدد من بلدات وقرى ريف حماة الجنوبي باتجاه ريف حمص الشمالي (جنان، الشيخ عبدالله ، زبادة، الجرنية ، حنيفة)، وذلك بدعم من الطيران الروسي وبتغطية نارية كثيفة من جبلي البحوث العلمية (تقسيس) وجبل زور أبو درده ، حيث تتموضع عليهما كتائب عسكرية للنظام مدججة بالسلاح الثقيل.

ويجدر التنويه هنا أنّ المناطق المذكورة التي تقدمت فيها “قوات النظام”، لم تكن أصلا تحت سيطرة “قوات المعارضة السورية”، وإنما هي مناطق بينيّة، وكانت “قوات النظام” تدخلها وتخرج منها بشكل دائم، وهي بحكم الساقطة عسكريا على اعتبار أنّها محاطة بجبلي البحوث وزور أبو درده (الاستراتيجيين).

ولكن  “النظام” أشاع سقوط هذه المناطق بيده عسكرياً ليظهر وكأنه أحرز تقدماً حقيقيا، يرفع به معنويات مقاتليه ومؤيديه من جهة ويضلل به الرأي العام من جهة أخرى.

ويمكن القول أنّ الفائدة الوحيدة التي حققها “النظام” من سيطرته على المناطق المذكورة ، هو حرمان قوات المعارضة من الاستفادة منها لوجستيا كما في السابق.

وجاء رد قوات المعارضة على هذه الحملة العسكرية عبر قصف كتيبة النظام في قرية زور السوس بصواريخ “الغراد والكاتيوشا”، إضافة إلى استهداف أماكن تمركز قوات النظام في الأماكن التي تقدم إليها وتمّ تحقيق إصابات مباشرة .

وكانت قوات المعارضة قد زرعت العديد من الألغام على طريق “الجاجية جنان و زور سريحين”  قبل دخول “قوات النظام” إليها ، وكذلك على طريق “الكافات وتل الدرة ، وطريق سريحين والرعبون”، حيث أدى انفجارهذه الألغام إلى مقتل (35) عنصرا “لقوات النظام” .

كما دمرت قوات المعارضة عبر صواريخ موجهة سيارة “بيك آب” محملة بالعناصر وعربة (ب م ب)، ونفذ مقاتلو المعارضة أيضا  كمينا عند مدخل قرية “الرملية” في ريف حماة الجنوبي، أدى إلى مقتل عدد من عناصر “قوات النظام” .

ولا تزال “قوات المعارضة المسلحة” في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي تتصدى للهجمات المتكرر “لقوات النظام”  منذ بدء الحملة .(3)

 وفي الوقت الذي تتواصل فيه الحملة العسكرية على مناطق سيطرة “قوات المعارضة السورية” في ريف حمص الشمالي والجنوبي لحماة ، يعمل “النظام” على شن حرب نفسية موازية (الشائعات)، في محاولة منه للتأثير على الحاضنة الشعبية، وهز ثقتها بفصائل “المعارضة الثورية” وعزلها، عبر إثارة الخوف والذعر لدى المدنيين ودفعهم إما للنزوح من مدنهم تحت هاجس اقتحام “قوات النظام” المدعوم بالطيران الروسي لها ، أو للقبول بمصالحات وتسويات بشروط مجحفة تجعلهم أسرى في سجون مطبقة .

ومن أمثلة هذه الحملات النفسية التي تعتمد بدرجة أولى على بث الشائعات عبر عملاء “النظام” في المنطقة، أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي..(الجيش وصل الى المنطقة الفلانية – الجيش تقدم من المكان الفلاني- سمعت خبر بكرى جاي سرب طيران بدو يساوي بالمنطقة الفلانية كذا وكذا.. الخ)، وهي شائعات لا صحة لها في الغالب، يتداولها الناس عفويا دون معرفة  تأثيراتها السلبية ، إضافة إلى اعتماده على أسلوب رمي المنشورات المثبطة في مناطق سيطرة “قوات المعارضة”.

أ- أبعاد الحملة العسكرية
 تسعى قوات النظام والميليشيات التابعة” بإسناد جوي روسي من وراء حملتها العسكرية الأخيرة إلى السيطرة على مناطق “الدار الكبيرة وتيرمعلة والغنطو، مروراً بالزعفرانة وتلبيسة، ثم الرستن”، وهي تشكل محور ممتد على طول /20/ كم يصل (شمال حمص بجنوب حماة)، وذلك بهدف إحكام -النظام السوري- سيطرته الدائمة على سلسلة مدن كبرى؛ من دمشق إلى حماة مرورا بحمص .

 وقد يكون إلى حلب في مرحلة لاحقة عبر ريف حماة ، خاصة في ظل ازدياد مساحة سيطرته هناك؛ بفضل الدعم الروسي والإيراني.(4)

وتهدف قوات النظام من وراء هذه الحملة أيضا، إلى إنشاء خط دفاعي يمتد من “قرية بريغيث، وحتى قرية الجمقلية” في ريف حماة الجنوبي، وذلك لقطع جميع طرق إمداد ريف حمص الشمالي ، حيث يعتبر هذا الخط الشريان الوحيد الذي يُغذي المنطقة برمتها ويصلها بالشمال السوري.

ب – مؤشرات فشل الحملة العسكرية:

رغم جميع الأساليب المادية والنفسية التي يتبعها ” النظام” في حملته العسكرية الأخيرة على منطقة ريف حمص الشمالي إلا أنّ هناك مؤشرات كثيرة على فشل الحملة في تحقيق أهدافها أقلها في المرحلة الحالية وأهمها:

1- عجز “قوات النظام وحلفائه” طيلة شهر تقريبا من بدء الحملة الثانية عن تحقيق أي تقدم نوعي يذكر .

2- رضوخه -النظام- لمطالب قوات المعارضة السورية هناك في وقف الحملة العسكرية على “حرب نفسة وكيسين”، وإدخال المواد الإغاثية والإنسانية إلى داخل المناطق المحررة، وفتح المعابر أمام المدنيين في الدخول والخروج من المنطقة، في مقابل أن تدخل ورش الإصلاح إلى مناطق “المعارضة” وبإشرافها لإصلاح خطوط الكهرباء المارة من منطقة الحولة، وخصوصا خط كهرباء حمص، الذي قطعته “قوات المعارضة” للضغط على “النظام” بغية إيقاف حملته العسكرية.

 ثانيا: تقدير الموقف القتالي “لقوات المعارضة” :
أدركت “فصائل المعارضة الثورية” في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي أنه في حال سيطرت “قوات النظام” على بلدة حربنفسه في ريف حماة الجنوبي الغربي، فإنّه سيتمكن من فصل مناطق (الرستن وتلبيسة) عن (مدينة الحولة وبلدة عقرب)،اللتين تشكلان عمقا استراتيجيا لتنقل “فصائل المعارضة الثورية”(5) لذا عمدت إلى الآتي :

1 – تشكيل غرفة عمليات مشتركة ورص الصفوف لمنع “قوات النظام” من السيطرة على قرية “حربنفسة” الاستراتيجية.

2 –  اللجوء مؤخراً إلى طريقة جديدة في القتال تعتمد على تنفيذ العمليات الانغماسية السريعة وخوض مواجهات مباشرة  مع “قوات النظام” على بعد أمتار فقط.(6 )

3 – الاستفادة من المعرفة والدراية بطبيعة المكان جغرافياً، لاسيما مع انتشار المزارع وما توفره هذه البيئة “لقوات المعارضة” من قدرة على التواري والتقدم بشكل غير ملحوظ نحو صفوف “قوات النظام .(7 )

4 – اعتماد مبدأ الهجوم المعاكس، وذلك كما حدث عندما فاجأت “قوات المعارضة” “قوات النظام” بهجوم معاكس أدى إلى تحرير حواجز كانت بيد “النظام”، كحاجز “القطار والمداجن ومعمل البشكير” وتدمير دبابة ومدفع 23مم، إضافة إلى اغتنام رشاش وإيقاع عشرات القتلى في صفوف “قوات النظام”،

5- اعتماد أسلوب التلغيم وخداع “قوات النظام” بالانسحاب وتفجير الألغام في “قوات النظام” عند تقدمها.

ثالثا: صعوبات تعترض “قوات المعارضة”
رغم المؤشرات الكثيرة الدالة على نجاح “قوات المعارضة” في منع تقدم “قوات النظام” إلى ريف حمص الشمالي أو نجاحها في فصل ريف حمص الشمالي عن عمقه الاستراتيجي في ريف حماة الجنوبي إلا أنّ هناك صعوبات تعترض قوات المعارضة أبرزها:

1 – مساهمة  بعض تجار المنطقة في تضييق الخناق على المواطنين وتجويعهم عبر عمليات التهريب وخصوصا تجار الطحين والقمح. (8 )

2 – نقص السلاح بشكل عام والنوعي خاصة لدى  “قوات المعارضة”  وضعف تسليحها من قبل دول ما “يسمى بأصدقاء الشعب السوري”.

رابعاً : نتائج الحملة العسكرية واحتمالاتها
1 – اعتماد “النظام وحلفائه”  على الإعلام  والحرب النفسية بشكل كبير و الدعاية المضللة للرأي العام المحلي والخارجي   بأن “الروس والنظام” قد  حققا تقدما فعليا ونوعيا على الأرض .

2- استخدم “قوات النظام” للمدنيين كدروع بشرية في جنوبي حماه على أطراف ريف حمص الشمالي، وهذا ما لم يتم اظهاره والتركيز عليه بشكل كاف، وذلك لعدم وجود  تنسيق إعلامي بالشكل المطلوب بين إعلاميي “قوات المعارضة الثورية” في  المدن الكبيرة  وفي الخارج ،وبين إعلاميي الداخل و عناصر الجبهات .
وتنطوي الحملة العسكرية “لقوات النظام” على ريف حمص الشمالي على احتمالين اثنين:

1- تمكن “قوات النظام” من التقدم  في ريف  حمص الشمالي من محورين ؛ الأول خط هجوم “مفرق المختارية – الكم وباتجاه تير معلة” ، و الثاني  خط هجوم “قنية العاصي – جبورين، وباتجاه الغنطو” ، وتهدف “قوات النظام” من وراء ذلك  إلى فصل وعزل بلدات الريف الشمالي والسيطرة عليها ،باتباع سياسة القضم التدريجي باستخدام القوة العسكرية، التي اتبعتها قوات النظام في محاولتها السيطرة على المناطق الخاضعة للمعارضة .

3 – تمكن “قوات النظام” من التقدم في ريف حمص الشمالي من محورين اثنين في منطقة الحولة ؛ الأول خط هجوم ” محطة الزارة الكهربائية باتجاه حربنفسه” ، والثاني خط هجوم “كفرنان باتجاه كيسين” ، وتهدف “قوات النظام” من وراء ذلك إلى فصل الريف الشمالي عن منطقة الحولة .

Print Friendly

اضف رد